قصة اتفاق ومساومة على الحياة قصة جن حدثت بالفعل
اسمي “شاؤون” ولا تتعجبوا كثيرا من اسمي، الأعجب أننا نعيش حياة الترف والبزخ ولم أدري يوما عن طبيعة عمل والدي، ولكنه من أثرى أثرياء القوم، إنني لم يتجاوز عمري الثانية والعشرين بعد وأمتلك سبعة سيارات من أغلى وأشهر الماركات العالمية.
نسكن بمكان لا يجرؤ على الاقتراب منه إلا علية القوم، وكان بجوارنا مكان لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه نهائيا، لقد ذيع صيته ونشرت حوله الأقاويل بأنه بوابة للعالم الآخر، العالم الخفي عالم الجن ومردة الشياطين!
كان أهلنا جميعا مسلمين إلا نحن فلم نكن على أية ملة ولا أي دين، كان والدي ينهر كل من حاول معرفة أي دين، ولو لمجرد القراءة وحسب، أما عني فلم أعلم ديانة والدي على الإطلاق، كان أبي كثير الترحال نادرا ما نجده معنا، وعلى الرغم من ذلك إلا إنه كان يعلم كافة أخبارنا ويعلم كل أخبارنا لدرجة أنه كان يعلم تحديدا ما نخفيه عنه سرا، كنت أوقن بقرارة نفسي والدي إما يراقبنا على الدوام وبكل مكان وإما يستعين برجال من الجن!
وبيوم من الأيام جاءنا خبر بوفاة والدي ويحيه عن الحياة بولاية أخرى، أصابنا الحزن على فقده ولكن سرعان ما تأقلمنا كل منا أكمل فيما كان يفعله ولكن الحزن خيم علينا، وبيوم من الأيام اجتمعت والدتنا بنا على العشاء وأخبرنا بأنها ستخبرنا سرا في غاية الخطورة.
وقبل أن تكمل انهارت من شدة البكاء، فظننت أنها عاجزة على تخطي رحيل والدي عنها، وحينها وردني اتصال من رقم مجهول، فاستلمت الاتصال لأجده شخصا يسألني عن اسمي “شاؤون؟!”، فأجبته بالإيجاب، فسألني إن كنت أريد أن أتزود بمعلومات عن أبي وعن طبيعة عمله، فأجبته بالإيجاب حيث أن والدي بالنسبة لي أكبر لغز بكل حياتي، فطلب مني أن آتي للمكان المهجور العامر بالجن ومردة الشياطين!
لم أدري ماذا أفعل؟!، ولكني بالنهاية قررت الذهاب تشجعت وذهبت إليه، لأرى شيخا عجوزا باليا، استقبلني بحفاوة، وصاني ألا أنظر خلفي مهما سمعت وإلا لن يتمكن أحد بالحياة من مساعدتي حينها، سرنا في طريق طويل ومن ثم صعدنا سلالم على الرغم من صعودنا عليها إلا إنها لا تنتهي، وفجأة سمعت العجوز يتمتم ببضعة كلمات غير مفهومة بالنسبة لي لأفقد وعيي ولا أستعيده إلا وأنا في مروج خضراء وبنايات شاسعة كان الذهب ملقى بكل مكان والفضة تزين المنظر وتزيده جمالا.
وفجأة مرت من أميم فتاة لم أرى في جمالها مثيل، نسيت كل شيء من نظرة واحدة من عينيها، تلاشى خوفي وقلقي واضطرابي وكل شيء، حاولت الحديث معها ولكن العجوز استوقفني قائلا: “أتدري أن أباك باعك للجن قبل مولدك؟!”
صعقت مما أخبرني به، وسألته مستنكرا: “ماذا أنت بقائل؟!”
فأكمل العجوز: “أليس اسمك شاؤون؟!، شاؤون اسمي وأنا من أسميتك بنفسي ومن حينها صرت ملكا لي”!
سألته بصوت خافت متقطع: “وماذا تريد مني؟!”
فرد العجوز: “أريدك أن تنفذ كل ما أقول مثلما كان والدك، فلقد بت الآن مكانه، لا أريد منك إلا الولاء في مقابل أموال لا حصر لها وتمكين في الأرض لم ولن تشهد له مثيل”!
شعرت بشيء ما يرتطم برأسي، استعدت وعي وكنت على سريري بفرغة نومي، آخر كلمات العجوز كانت سأمهلك يوما واحد لتفكر وتأتني بالإجابة بنفس المكان!
بنفس اليوم أعادت والدتي الاجتماع وأعلمتنا أن والدنا قد باع من أولى سنوات زواجه بها نفسه للشيطان، ترك دينه وملته من أجل استرضاء الجن والشياطين، أحضرت شيخا وجعلتنا نسلم جميعا وأعلمنا بما ينبغي علينا فعله، شعرت براحة لأبعد الحدود ولاسيما أنني قرأت كثيرا عن الإسلام خفية من والدي، وردني اتصال من العجوز لتذكيري بالأمر، لم أجد أمامي سوى أمي فقصصت عليها كل ما حدث معها لأجدها تذرف الدموع والحزن يخيم عليها، أعلمتني بأنها ستعلمني أركان التحصين، علمتني كل شيء وحصنتني بنفسها.
وباليوم التالي ذهبت للمكان الملعون وجدت العجوز بانتظاري ومن جديد أعدنا نفس الكرة سرنا بسرداب مظلم وانتهينا منه على سلالم للأعلى لا يرى آخره، وبمنتصف الطريق ناداني باسم غريب!، لم أفهمه قطعنا وقتا طويلا حتى وصلنا للمروج وهناك صعق العجوز حينما علم بأنني لم يغشى علي كالسابق أيقن أنني محصن، والأدهى من ذلك حينما علم أنني أسلمت!
قرأت عليه آية الكرسي لأجده يحترق في الحال، جاءتني الفتاة الجميلة فتناسيت كل شيء أعلمتني بأن والدي على قيد الحياة!، هرعت إليه فأعلمني بصوت خافت للغاية أنه مؤيد لي فيما فعلت وألا أسلم نفسي وأبيعها للشيطان مثلما فعل يوما!
وفجأة صعقت حينما تحولت الفتاة للعجوز بعدما لقتني بعض الكلمات فرددتها خلفها، أخرج خنجرا غريب الشكل وجعله مستقرا بقلب والدي الذي فارق الحياة في الحال، أما عني فأردت قراءة آية الكرسي ولكنه ربط لساني وانعقد، باتت نوايا العجوز السيئة بإنهائه لحياتي مثلما فعل لوالدي أمام عيني، ولكني سمعت صوت أمي بقراءتها لآيات من القرآن الكريم وكلما اقتربت ومن معها ازدادت صرخات العجوز حتى وصلوا لمكاني واستطاعوا تخليصي منه، انفكت العقد وأصررت على قراءة آيات التحصين وآيات الحرق فتبخر العجوز.
حملنا جثة أبي وعدنا أدراجنا، وغيرت لي والدتي اسمي ليصبح “محمدا”، ولم أترك فرضا واحدا على مدار أيامي.