قصة النبي يونس عليه السلام كاملة
قصة النبي يونس عليه السلام كاملة
تعد قصة النبي يونس عليه السلام واحدة من القصص العظيمة التي وردت في القرآن الكريم، وتحمل في طياتها العديد من العبر والدروس التي تبرز قوة الصبر والتوبة والرجوع إلى الله. يونس عليه السلام كان نبيًا من أنبياء الله الذين بعثهم لدعوة قومه إلى عبادة الله وحده، ولكن قومه كذبوه وأصروا على معاصيهم. وتبدأ القصة بكفاحه مع قومه، ثم مروره بمرحلة من الاختبار العسير داخل بطن الحوت، حيث تبين لنا القصة كيف أن التوبة والرجوع إلى الله يمكن أن يغيرا مصير الإنسان. في هذا المقال، سنتعرف على تفاصيل قصة يونس عليه السلام، وكيف أن هذه القصة تظل مصدر إلهام لكل من يواجه صعوبة أو محنة في حياته.
القصة
أرسل الله تعالى يونس بن متى عليه السلام إلى سكان مدينة تعرف بنينوى.
فرح يونس عليه السلام برسالة الله تعالى له، وأخذ على نفسه أن يبذل كل جهد في سبيل دعوة الله.
وبدأ يونس عليه السلام يدعو قومه، يذهب لهم في النوادي التي يجتمعون فيها، كما كان يذهب إلى بيوتهم، ويقابل أغنياء القوم وفقراءهم، يدعوهم إلى عبادة الله تعالى وحده.
ولكن قوم نينوى رفضوا دعوة الله، ولم يقبلوها، فغضب يونس عليه السلام منهم، وقرر من نفسه أن يتركهم ويرحل عنهم.
خرج يونس عليه السلام مغضبًا لأن قومه رفضوا دعوة الله، بعد أن حذرهم أن عذاب الله سيحل عليهم. واتجه يونس عليه السلام إلى سفينة ترسو في الميناء الصغير، وكانت الشمس وقتها تتجه نحو الغروب، والأمواج تتلاطم، ورأى يونس عليه السلام سمكة صغيرة تقاوم الموج، ولكن لصغرها لا تعرف ماذا تفعل. وجاءت موجة كبيرة فحملت السمكة ورفعتها إلى الصخور وحطمتها. أحس يونس عليه السلام بالحزن وقال في نفسه: “إن هذه السمكة الصغيرة لو كان معها سمكة كبيرة لاستطاعت أن تنقذها وتساعدها”. وتذكر حاله مع قومه، فما حدث لهم.
واتجه يونس عليه السلام نحو السفينة، وكان قلقًا ليس معه طعام ولا شراب، ولا أحد يودعه، ودخل السفينة، ورآه قبطان السفينة، فسأله عما يريد. فأخبره يونس عليه السلام أنه يريد أن يرحل ويسافر في السفينة. ولاحظ قبطان السفينة الاضطراب والقلق على وجه يونس عليه السلام وأحس أنه أخطأ في شيء، فساومه وزاد له الأجرة، ولكن يونس عليه السلام قال له: “سأعطيك كل ما تريد ولكن اجعلني أسافر معكم.” فلما وافق القبطان على طلبه، سمح ليونس عليه السلام أن يدخل السفينة ليُسافر.
كان التعب ظاهرًا في وجه يونس عليه السلام فطلب من القبطان أن يعرفه غرفته قائلاً: “أين غرفتي؟ فأنا متعب وأريد أن أرتاح.”
فرد عليه القبطان وقال: “ذلك ظاهر عليك.” وأشار القبطان ليونس إلى الغرفة التي سيجلس فيها، فلما دخل يونس عليه السلام غرفته، ألقى بجسده على السرير، وأخذ ينظر إلى سقف الحجرة، فرأى فيها مصباحًا يبدو أنه مائل، فزاد ذلك من حزنه. وكان لا يزال متذكرًا السمكة الصغيرة، فصورتها وهي تتحطم لا تفارق خياله.
وسارت السفينة في هدوء وسكون طوال النهار، ولما جاء الليل بدأت الأمواج تضطرب وترتفع كالجبال وتهبط، بل بدأت تدخل المياه إلى سطح المركب، وتصطدم بالواقفين فوق السطح وتغرق ملابسهم بمياهها.
وفي هذا الوقت ظهر صوت من قاع البحر، يبدو أنه لا هم له إلا أن يسبح وراء هذه السفينة. وقد قدره الله تعالى.
ومع شدة تلاطم الأمواج أو دخول المياه على سطح السفينة، اضطراب الركاب على السفينة، وخافوا مما حدث خوفًا شديدًا. ونادى أحد المسؤولين في السفينة أن يلقي كل من معه متاع في البحر حتى يخففوا الحمل، عسى أن تنجو السفينة من هذا الاضطراب، فألقى كل واحد من الركاب ما كان معه من أمتعة وغيرها.
ولكن مع إلقاء الركاب متاعهم، لم يتغير شيء، فالأحمال التي ألقوها لم تؤثر في الرياح واضطرابها. وقام يونس عليه السلام فزعًا من نومه، فرأى كل شيء يهتز في الغرفة، وحاول أن يحافظ على اتزانه، ولكن دون فائدة، فالسفينة تتمايل هنا وهناك، والخطر محيط بالركاب من كل مكان.
وصعد يونس عليه السلام إلى سطح السفينة، فماذا رأى القبطان؟ تذكر حاله وخوفه منه، عسى أن يكون قد فعل شيء خطأ.
وهنا قال القبطان: “لقد ثارت عاصفة في غير وقتها، وسنجري قرعة، فمن خرج اسمه فيها، ألقيناه في البحر.” ورضي الجميع بذلك الحل، ووضع يونس عليه السلام اسمه ضمن أسماء الركاب الذين ستجرى عليهم القرعة.
كانت هذه القرعة شيئًا معروفًا لدى الركاب جميعًا، لكن يونس كان يجب عليه أن يرضى بالأمر الواقع.
وأجريت القرعة، فخرج اسم يونس، وأصبح واجبًا عليه أن يلقي نفسه في البحر. فأعادوا القرعة مرة ثانية، فخرج اسم يونس أيضًا. فكرروها مرة ثالثة، فخرج اسم يونس.
وأصبح واجبًا عليه أن يلقي نفسه في البحر. هنا تذكر يونس عليه السلام أنه أخطأ، وأن ما حدث عقاب من الله له.
وقف يونس عليه السلام على حاجز السفينة، وهو ينظر إلى البحر الهائج، وكيف أنه سيلقي بنفسه، فالأمواج متلاطمة، وهي سوداء، وكان الجو مظلمًا، ولا يوجد قمر والنجوم لا تظهر، ولون المياه أسود، والبرد يغطي جسده. حاول يونس أن يمسك توازنه، كي يقفز مستقيمًا، والناس يطلبون منه أن يلقي بنفسه. ولما تباطأ، ألقوه بأيديهم. فالتقمه الحوت بعد أن وجد يونس طافيًا على وجه البحر، وسار في أعماق البحر.
وبعد فترة، فوجئ يونس عليه السلام أنه في بطن الحوت، والحوت يجري به في جوف البحر، والليل مظلم. تصور يونس نفسه أنه قد مات. حرك أعضاءه فوجد نفسه مازال حيًا. علم أن ذلك من حفظ الله، فإن الله أمر الحوت ألا يخدش منه شيئًا. فتحرك قلبه بالتسبيح لله والاستغفار له، فدعا يونس ربه وهو في جوف الحوت: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.”
وأخذ يونس عليه السلام يبكي، ويدعو الله أن يغفر له، وأن يعفو عنه، وشغل نفسه بذكر الله تعالى.
وسمعت الكائنات البحرية بتسبيح يونس عليه السلام، فاقترنت الحيتان والأسماك تحوط الحوت الذي ابتلع يونس، تسبح الله معه. وكان الحوت نائمًا، فاستيقظ، فوجد الكائنات البحرية تسبح الله تعالى، فعلم أنه ابتلع نبيًا. فأخذ في التسبيح معهم، وأحس الحوت بالخوف، ولكنه تماسك نفسه وقال: “أنا لم أصنع إلا ما أمرني الله تعالى به، ولن أفعل شيئًا إلا بأمر الله.”
ومكث يونس عليه السلام فترة من الزمن، لا يعلمها إلا الله، كان فيها يسبح الله تعالى دائمًا. وقبل الله تعالى توبة يونس عليه السلام، وأمر الحوت بأن يخرجه إلى الشاطئ.
واتجه الحوت من جوف البحر حيث البرد إلى أعلى حيث دفء الشمس، وسار سريعًا حتى وصل إلى إحدى الجزر وألقى يونس فيها. فكانت الشمس تلسع جسده بأشعتها، وكان يتألم من ذلك، لكنه شغل نفسه بذكر الله تعالى.
ومكث يونس عليه السلام فترة في هذه الجزيرة، حيث شمسها الجميلة. وقد أنبت الله تعالى شجرة من يقطين عليه يستظل بظلها، حيث أوراقها العريضة. وأوحى الله تعالى إليه أنه قبل توبته برحمته، وبسبب تسبيحه له وهو في جوف الحوت. فحمد يونس الله تعالى على نعمه.
وعاد يونس عليه السلام إلى قومه ليدعوهم إلى الإيمان بالله تعالى. ففوجئ يونس أن قومه قد آمنوا جميعًا. فسجد شكرًا لله تعالى، وعلم أن هذا كان درسًا من الله تعالى له. فلما رآه قومه أقبلوا عليه يعتذرون إليه من تأخرهم عن الإيمان بالله تعالى، وبشروه بأنهم خافوا عذاب الله، فأمنوا جميعًا، وحكى لهم يونس عليه السلام ما كان من شأنه مع السفينة والحوت.