قصة جحا: من حفر حفرة لأخيه وقع فيها
في عالم الحكايات الشعبية التي تحمل في طياتها دروسًا وحكمًا، تبرز شخصية جحا بمواقفه الطريفة والذكية التي تعكس حكمته في قالب فكاهي. في هذه القصة، نعيش مع جحا في موقف يظهر فيه مثلًا شائعًا يُقال: “من حفر حفرة لأخيه وقع فيها”. فما الذي سيحدث لجحا في هذه القصة؟ وكيف سيتعرض هو نفسه للموقف الذي كان ينوي أن يوقعه في شخص آخر؟ دعونا نتابع معًا هذه الحكاية الطريفة التي تحمل في طياتها درسًا في العبرة والذكاء.
القصة
ذات يوم خرج جحا كعادته كل صباح إلى حديقة مجاورة ليزرعها، فأصابت فأسه شيئًا صلبًا فمال عليه ليراه، فإذا هو دينار.
فرح جحا فرحًا شديدًا بهذا الدينار الذي جاء في وقته، وأخذ يجلو عنه الصدأ، ولكنه سرعان ما تبين أنه دينار مزيف.
اغتم جحا بعد فرحه، ثم هم أن يرمي الدينار بعدما تبين زيفه.
ولكنه قال لنفسه: “لماذا أرميه؟ أليس من الممكن أن أخدع به بعض الباعة، وأشتري به طعامًا شهيًا؟”
وبعد قليل، ذهب جحا إلى السوق فوجد رجلًا يبيع بطة كبيرة فاشتراها منه، ودفع له الدينار المزيف. فقبض عليه دون أن يتبين زيفه، ووضعه في جيبه، ومضى.
وكان بائع البط يريد أن يشتري دقيقًا لأهل بيته، فذهب إلى بائع الدقيق وقال له: “بكم تبيع لي هذا الجوال؟”
وأراد بائع الدقيق أن يصنع لنفسه كوبًا من الشاي، فوضع الماء على النار، والماء يقطر منه على النار.
قال لنفسه: “سأذهب وأشتري وعاءً جديدًا وأدفع ثمنه من الدينار الذي رزقني به الله اليوم، وأحتفظ بالباقي.”
ثم قصد بائع الأوعية فاشترى وعاءً جديدًا لعمل الشاي ودفع له الدينار.
وفي صباح اليوم التالي، أراد بائع الأوعية شراء بعض الحطب لأهل منزله، فبعث إلى جحا الذي أتى إليه ببعض الحطب.
قال بائع الأوعية: “هذا حطب كثير كما ترى، وقد أخذ مني شقاء يوم في جمعة، ولذا أطلب دينارًا ثمنًا له.” ضحك بائع الأوعية ومد يده بالدينار إلى جحا!
وبينما جحا في الطريق إلى داره، صادفه بائع العمامات، فأراد بائع العمامات شراء عمامة جديدة.
ولما دفع الدينار إلى البائع، تبين البائع زيفه، فرده إليه قائلاً: “هذا دينار مزيف يا جحا!”
نظر جحا إلى الدينار جيدًا فعرف زيفه، فغضب وذهب إلى الحاكم يشكو بائع الأوعية الذي غشَّه بالدينار المزيف.
وجاء بائع الأوعية إلى الحاكم الذي أرسل في طلبه، وقرر أنه أخذه من بائع الدقيق.
ودعا الحاكم بائع الدقيق، فقرر أنه لم يكن يملك إلا دينارًا واحدًا أخذه من بائع البط.
وجاء بائع البط، فقرر أنه أخذ ذلك الدينار من جحا نفسه.
وذهل الحاكم من النتيجة التي وصل إليها.
نظر الحاكم إلى جحا نظرة قاسية وقال: “من أين لك ذلك الدينار؟”
قال جحا متلعثمًا: “إنني عثرت عليه في أرض الحديقة.”
قال الحاكم: “إذن هو دينارك يا جحا؟”
قال الحاكم: “كيف تبيح لنفسك أن تغش الناس يا جحا وتتهم الأبرياء بالغش؟!”
قال جحا: “حقًا يا سيدي الحاكم، هو ديناري الذي وجدته. وما أصدق الحكمة التي تقول: ‘من حفر حفرة لأخيه وقع فيها’!”
