قصة سيدنا ابراهيم خليل الرحمن كاملة
سنحلّق سوياً عزيزي القارئ في أرجاء قصة سيدنا ابراهيم خليل الله، ونتعرف سوياً عن كم المعاناة التي حظي بها سيدنا ابراهيم في مسيرته للدعوة إلى عبادة الأحد الديان، كما سأقدم لك تفصيلاً لتلك المسيرة منذ بداية رحلته في البحث عن الله ومواجهته عليه السلام لأبيه، ونمر أيضا سريعاً بموقفه مع الملك النمرود، وكيف حاول قومه أن يحرقوه، وكيف تجلت قدرة الله في جعل تلك النار برداً وسلاماً علي سيدنا ابراهيم وعلي نبيناً أفضل الصلاة والسلام.
وكما سأذكر أيضاً كيف كان موقفه عليه السلام مع زوجته هاجر وابنه إسماعيل لنتعرف عن ذالك السبب الذي كان من أجله ترك سيدنا ابراهيم هاجر وإسماعيل في الصحراء وكيف أنقذهما الله من الجوع والعطش، ولن ننسى امر الله لسيدنا إبراهيم بذبح سيدنا إسماعيل وكيف كان موقفه من ذالك، وللمزيد من القصص الإسلامية نرشح لكم تصفح قسم : قصص اسلامية.
نشأة سيدنا إبراهيم عليه السلام
لقد ولد سيدنا ابراهيم ببابل القديمة وتزوج السيدة هاجر وكنت لا تلد ثم ارتحل هو وزوجتوه هاجر وابن أخيه لوط إلى أرض الكنعانيين، وهي بلاد بيت المقدس، فأقاموا هناك وكان يعبدون الكواكب السبعة، ومنهم من يعبد الحكام والملوك وليس هذا فحسب، بل كان ابوه يصنع تلك التماثيل التي يعبدونها ولذالك كان لعائلة ابراهيم مكانةً بين قومه.
وحينما كبر سيدنا إبراهيم وسط تلك الأجواء الكافرة المفعمة بعبادة الأصنام وآلهة غريبة أخرى، أصبح مشغول البال يفكر كثيراً، ما بال هذا العالم، كيف يعبدون التماثيل ويعتبرونها آلهة..رغم أنها مصنوعة من الحجارة، والحجارة لا تعلق لا تتكلم وليس بها أي روح أو حياة.
لابد أن الأمر أكبر من ذالك، الإله الحق هو من يخلق، من يشفي، من يستجيب، وليست تلك الحجارة، هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر، اين انت يا إلهي! .. هكذا كان يفكر سيدنا وحبيبنا إبراهيم في خلواته.
رحلة البحث عن الإله
ذات ليلة من ليالي خلوات إبراهيم عليه السلام وهو جالس يفكر ويتسآئل من هو الله؟ وأين يمكن أن أجده يا ترى؟ وبينما هو في تفكيره العميق والمبتذل هذا، وجد كوكباً يلمع في السماء وسظ ظلام الليل، ففرح وصاح عليه السلام ها قد وجدت الله!.. هذا الكوكب ليس من صناعة البشر، ففرح لظنه أنه قد اهتدى الله الواحد، ولكن كانت المفارقة، ففي الصباح اختفى الكوكب وأدرك مباشرةً أنه ليس الله، فالله سبحانه لا ينبغي له أن يغيب ولو لحظةً عن عالمه…
ولكنه لم ييأس واستمر في أروع رحلة بحث على الإطلاق، وذات ليله باردة رأى ابراهيم القمر مكتملاً منيراً ومتوهجاً في السماء، فقال هذا ربي كيف لم أدركه من قبل؟!..ولكن للأسف خاب أمل إبراهيم عندما غاب القمر في صباح اليوم التالي وحزن حزناً شديداً.
وذات يوم جلس عليه السلام تحت الشمس فنظر اليها وراءها كبيرة تنير وتشع وتملأ الكوكب بضوءها، فصاح وقال وجدت الله، فهذه الشمس هى إله الكون، ولكن سرعان ما خاب أمله، أدرك ابراهيم ان الكواكب والشمس والقمر ليسوا آلهةً، وأن الله موجود ولكن لا يستطيع رؤيته، الله الذي خلق الشمس والقمر والكواكب، آمن ابراهيم بالله ولم يكن من المشركين.
نصائح إبراهيم لأبيه
عجب إبراهيم من قومة ومن عبادتهم لهذه الاصنام التي لا تنفع ولا تضر، وقرر أن ينصحهم وأول من فكر فيه إبراهيم لينصحه هو اباه، فذهب إليه وقال له يا أبتي لماذا تعبد تلك الأصنام التي لا تنفعك بشيء، فهي لا تسمع ولا ترى، وأخبره بأن الله ليس مخلوق وليس حجارة لا تتكلم وأنه لا يغيب ويظهر، وأن عليه أن يتبعه فهذه هي الصراط المستقيم.
كان رد فعل آزر والد إبراهيم عبارة عن صيحات من الغضب على إبراهيم، كيف لفتيً حديث السن أن يتمرّد على ما نعبده نحن وآباءنا منذ مئات السنين، وحينما حذّره ابراهيم ان الشيطان هو الذي يسول له ولقومه هذا الضلال الكبير وعبادة الأصنام، توعّده آزر بالضرب والقتل والرجم إذا لم يعد إلى رشده، وطرده من منزله، وأخبره بأنه لا يريد رؤيته مرةً أخرى وأنه لن يستجيب له ” قَالَ سَلَامٌ “عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّ.
إبراهيم يحطم الأصنام
لقد أراد ابراهيم عليه السلام اثبات بعض النقاط الهامة لنفسه أولاً قبل أن يثبتها لقومة، فلقد حطط وعزم على تنفيذ التالي..في أحد الاحتفالات التي كانت تقام في المدينة التي يعيش بها سيدنا ابراهيم وقومه، انتظر حتي توجّه الجميع الى الاحتفال، ثم توجه هو الى المعابد التي بها التماثيل والأوثان التي يعبدونها، نظر ابراهيم الى هذه التماثيل ونظر الى القرابيين الموضوعة أمامها، وبدأ يحدثها ساخراً منها قائلاً ” مالكم لا تأكلون! وما لكم لا تنطقون أيضا.”.
ثم حمل الفأس التي كان معه وبدأ بتكسير تلك الأوثان وفتّتها جميعاً الي قطع صغيرة، باستثناء كبير تلك التماثيل حيث تركه سليماً، في محاولةً من سيدنا ابراهيم لارجاع قومه إلى صوابهم لعلهم يدركون خطأهم وضلالهم بعبادتهم لتلك الأوثان التي لا تحرّك ساكناً.
وعندما فرغ قوم سيدنا ابراهيم من احتفالاتهم وعادوا الي معابدهم فجدوا العجب العجاب، من يجرأ على فعل هذا بآلهتنا، لم يتسآئلوا كيف لم تدافع هذه الآلهه عن نفسها؟ ولماذا لم يحرك كبيرهم ساكنا لانقاذ باقي الآلهه؟ ذالك الغضب الغير مبرر أعماهم من جديد عن عدم التذكر والتفكر والتوقف قليلاً امام مثل هذا الحدث العظيم، كل ما كان منهم أنهم أدركوا أنّ إبراهيم هو من فعل هذا فهو الذي كان يدعوهم إلى ترك عبادة هذه الحجارة، فطلبوا رؤيته على الفور.
عندما أتي بسيدنا إبراهيم لإستجوابه وسؤاله من قبل قومه “من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم”..فرد عليهم سيدنا ابراهيم سريعاً “ولم لا تسالون كبير هذه الأصنام فلا شك بأنه قد رأى كل شيء”، فرد عليه قومه وكيف نسأله وهو تمثايل يا ابراهيم لا ينطق ولا يتكلم، وآنذاك استغل ابراهيم هذه النقطة قائلاً “أنتم تعبدونها فأين إذاً عقولكم؟”، حينها تراجع القوم قليلاً وأدركوا ذالك الضلال الذي طغى على عقولهم جميعاً ولكنه الكبرياء عزيزي القاريء يعمي عن رؤية الحق بل ويعمي عن رؤية أي شيء فأمر القوم بإحراق سيدنا ابراهيم لما فعله بآلهتهم من دمار كبير.
حينما حاولوا حرق وقتل ابراهيم
يا لها من حفلة وتجمع عظيم، لقد تجمع الناس من جميع الأقطار كل من يعلم بالأمر يحضر لمشاهدة عقاب من تجرأ على الآلهة وسخر منها، ويا لها من حفرة عظيمة حفرها القوم وملؤها بالأخشاب والوقود لإلقاء إبراهيم فيها، بدأت الحفلة وثارات النيران من حرارتها حتى أدرك القوم بأن عليهم ان يفكروا بطريقة لإلقاء إبراهيم في هذه النار لعدم قدرتهم حتي علي الاقتراب منها.
أحضر قومه آلة كبيرة جداً تسمي المنجنيق ووضعوا ابراهيم فيه استعداداً لإلقاءة في الحفرة العظيمة، ولكن قبل ذالك بلحظات ظهر جبريل وسأل إبراهيم هل تريد مني شيئاً؟ فقال ابراهيم منك فلا، أما هو فهو العالم بحالي الغني عن سؤالي، وأٌلقي بإبراهيم في النار وصاح القوم مستهزئين به، فهو الذي كان يحذرهم من النار ومن حرها، ها هو الآن الذي في النار.
ولكن قدرة الله وتوعده بحفظ أنبياءه و كل إنسان صالح حال بين إبراهيم وبين أن تمسّه ألسنة اللهب الغاشمه، وأمر الله النار أن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم، فاستجابت النار فورأ لربها فهي لا تستطيع أن تعصيه فهو الذي خلقها وهو الذي يسخرها كيفما شاء، وحينها أصبحت النار لطيفة معتدلة على ابراهيم فهي وإن كانت تبدوا من الخارج ناراً عظيمة مخيفة لا طريق للنجاة لمن يقترب فقط منها، إلًا أنها كانت من الداخل كالجنة يتنعّم فيها إبراهيم ويسبح ويذكر الله ويحمده.
وبعد انتظار دام طويلاً لتنطفئ النار ليروا كيف أصبحت حثة إبراهيم، إلا أن المفاجأة صعقتهم جميعاً، فعندما وجدوا إبراهيم يخرج من النار على قدميه سليماً، حينها خاف القوم، وظنوا أنه شيطان لا تضرّه النار ولا تحرقه ولا تؤثر به حتي وفروا جميعاً هاربين.
إبراهيم والنمرود
قرر أخيراً سيدنا ابراهيم الدعوة الي عبادة الواحد الاحد وبدأ بالملوك فهم أساس كل شيء، وأول ما بدأ به النمرود، أخبره سيدنا إبراهيم أن التماثيل التي يعبدونها من دون الله لا تنفع ولا تضر، فهمي من صنع البشر أنفسهم فكيف لهم أن يعبدوها، وكيف تكون آلهة، فأجابه النمرود بأنهم وجدوا آبائهم وأجدادهم يفعلون هذا، رد عليه سيدنا ابراهيم بانهم كانوا في ضلالٍ مبين.
غضب النمرود من كلام ابراهيم، وحينها أخبره ابراهيم أمام الملأ بأن الله يحي ويميت، فقال النمرود أنه قادرعلى أن يحي ويمت أيضاً، وأمر برجلين من المدينة، فلما حضرا أمر بقتل واحد وابقاء الاخر حياً، ونظر الى ابراهيم وقال له أرأيت؟ لقد أمتُّ وأحييت.
ظنّ النمرود الأحمق أنه بفعلته هذه قد تمكن من أن يميت ويحي، ولم يدرك أن كل ذالك كان بإرادة ومشيئة الله أولاً، حينها قال ابراهيم تحدي ابراهيم النمرود للمرة الثانية قائلاً له بأن الله هو القادر على إتيان الشمس من المشرق وغروبها من المغرب، وتحدي ابراهيم النمرود ان كان قادر على ذالك فليفعل، فبهتت حجة النمرود، ولم يستطع الرد.
وكان هذا ما جاء القراءن من قصة سيدنا ابراهيم من النمرود
“أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.
وهكذا تنتهي قصة سيدنا ابراهيم مع أروع خاتمه..مع كثير من الدروس من أهما أن الظلم لا يدوم والحق سيظهر الآن أم غداً أم بعد الغد، سينقشع الظلام وستدخل أشعة الشمس لا محاله طالما نحن على حق، وفي النهاية صديقي لا تقرأ وترحل..شاركنا برأيك، وماذا تعلمت من هذه القصة الرائعة التي نقدمها لكم موقع قصص وحكايات.