قصص اسلامية

قصة سيدنا ادم عليه السلام كاملة

قصة سيدنا ادم عليه السلام كاملة

قصة سيدنا آدم عليه السلام هي واحدة من أعظم القصص التي ذكرت في القرآن الكريم. يُعد آدم عليه السلام أول خلق الله من البشر وأبًا للبشرية جمعاء. تبدأ القصة من خلق الله له من طين، ثم نفخ فيه من روحه، ثم علمه الأسماء جميعًا، وكرمه على الملائكة وأمرهم بالسجود له. وعلى الرغم من مكانته الرفيعة، تعرض آدم عليه السلام وذريته لفتنة من إبليس، الذي رفض السجود له وأغوى آدم وزوجه حواء في الجنة، مما أدى إلى نزولهم إلى الأرض. لكن الله سبحانه وتعالى لم يتركهم دون هداية، بل أرسل إليهم الرسل وأعطاهم تعليمات للتوبة والعودة إلى الطريق المستقيم. تعكس قصة سيدنا آدم الكثير من العبر والدروس حول الطاعة، التوبة، والابتلاء.

القصة

قبل أن يخلق الله تعالى آدم عليه السلام، كانت هناك مخلوقات في الأرض تفسد فيها وتسفك الدماء، وقد أخبر الله تعالى ملائكتَه أنه سيجعل في الأرض خليفةً لمن سكن فيها. فاستفسرت الملائكة، التي كان لا همَّ لها إلا عبادة الله، وخافت أن يكون ذلك المخلوق سيسفك الدماء ويفسد فيها. ولكن الله تعالى أخبر ملائكته أنهم لا يعرفون الغاية من خلق آدم.

وأمر الله الملائكة أن تجمع حفنةً من تراب الأرض من كل اتجاه، فجاءت الملائكة بتراب مختلف الألوان، ولذا يختلف الناس في اللون والشكل.

ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالًا من حمأ مسنون، وانبعثت له رائحة.

وكان إبليس يمر عليه فيعجب: “أي شيء يصير هذا الطين؟” من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم… سواه بيديه سبحانه، ونفخ فيه من روحه سبحانه، فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.

فتح آدم عينيه فوجد الملائكة يسجدون له، سجود تكريم لا سجود طاعة، لأن سجود الطاعة لا يكون إلا لله. ولكنه لاحظ في الركن بعيدًا واحدًا لم يسجد له، ولم يكن يعلم جنسه أو نوعه. وقد كان إبليس من الجن، فهو أقل مرتبة من الملائكة. فكان من الواجب عليه أن يسجد معهم، ولكن الكبر منعه من طاعة أمر الله.

ولما رفض إبليس السجود لآدم عليه السلام، سأله الله وهو أعلم عن سبب رفض إبليس للسجود، فقال: “أنا خير منه، خلقتني من نار، وخلقته من طين، والنار أفضل من الطين.” فكان من نتيجة ذلك أن لعنه الله تعالى، وطرده من رحمته، وجعله ملعونًا إلى يوم القيامة. فطلب إبليس من الله أن يبقيه إلى يوم القيامة، فأعطاه الله ما سأل، حتى يكون اختيارًا لبني آدم في محاربة عدوهم إبليس.

وأدرك آدم عليه السلام أن إبليس مغرور متكبر، وأنه لا يحبه، وأنه جاحد بنعمة الله، فاسق عن أمره، وأنه رمز الشر، كما أن الملائكة رمز الخير.

وأراد الله تعالى أن يعلم الملائكة حكمة خلق آدم عليه السلام، فسألهم عن أسماء بعض الأشياء، فردت الملائكة بتنزيه الله وأنها لا تعلم شيئًا. وكان الله قد علم آدم الأسماء كلها، فهذا عصفور، وهذا نجم، وهذه شجرة، وهذه سحابة، وهذا هدهد، وهذا جبل، إلى آخر الأشياء. وأمر الله آدم أن يسميها فسماها، فعلم الملائكة ما أراده الله تعالى من خلق آدم، وسبب اندهاشهم، وأن الله بكل شيء عليم.

وكان آدم يشعر بأنه وحيد.. وفي يوم من الأيام نام آدم، فلما استيقظ آدم وجد عند رأسه امرأة تنظر إلى وجهه. فسألها آدم: “لم تكوني هنا قبل أن أنام؟” فقالت: “نعم.” قال: “هل جئت أثناء النوم؟” قالت: “نعم.” قال: “من أين جئت؟” قالت: “جئت من نفسك. خلقني الله منك وأنت نائم.” قال: “لماذا خلقك الله؟” قالت: “لتسكن إلي.”

قال آدم: “حمداً لله.. كنت أحس بالوحدة.” فما سأل الملائكة عن اسمها. قال: “إن اسمها حواء.” سألوه لماذا سميتها حواء يا آدم؟ فقال آدم: “لأنها خلقت مني، وأنا إنسان حي.”

واسكن الله تعالى آدم وحواء في جنة من الجنات، وعاشا حياة سعيدة، يتمتعان فيها بنعيم الحياة، حيث تغريد الطيور، وخرير المياه، والهواء النقي، والأشجار المتمايلة. وقد أباح الله لهما كل شيء إلا شجرة، فكانا يأكلان من الشجر ويتمتعان بهذه الحياة، فليس هنالك تعب ولا ضجر ولا شر.

فما زال الشيطان يوسوس لهما، ويزعم أن من أكل منها لا يموت، واستمر الشيطان في وسوسته لآدم وحواء حتى أكلا منها، ونسيا عهد الله. فحس آدم بالخجل، وإذا به يرى نفسه عاريًا، وزوجته عارية، وأخذا ورق الشجر يستران به عورتهما. وذكرهما الله بتحذيره لهما من الشيطان، فاستغفرا الله، وتاب الله عليهما، وأهبطهما إلى الأرض.

وهبط آدم وحواء إلى الأرض، خرجا من الجنة. كان آدم عليه السلام حزينًا وكانت حواء لا تكف عن البكاء. وكانت توبتهما صادقة فقبل الله منهما التوبة. وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي، يعيشان فيها، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث. ولم يكن خروج آدم عليه السلام من الجنة هو سبب في خروجنا من الجنة، لأن الله تعالى قد قال للملائكة: “إني جاعل في الأرض خليفة.” وبدأت الرحلة في الحياة على الأرض…

وفي الأرض كان على آدم عليه السلام أن يواجه الصراع في الحياة. وكان عليه أن يشقى ليأكل، وأن يحمي نفسه بالملابس والأسلحة، ويحمي زوجته وأطفاله من الحيوانات والوحوش التي تعيش في الأرض. وكان عليه قبل هذا كله وبعده أن يستمر في صراعه مع الشيطان الذي كان السبب في خروجه من الجنة. وهو في الأرض يوسوس له ولأولاده ليدخلهم الجحيم.

وكانت حواء تلد في كل بطن ولدًا وبنتًا، وأباح الله تعالى أن يتزوج ولد البطن الأولى من بنت البطن الثانية، وولد البطن الثانية من بنت البطن الأولى، حتى تعمر الأرض. وكان من بين الأولاد قابيل وأخته وهابيل وأخته، وكان من شريعة الله أن يتزوج قابيل أخت هابيل، وهابيل أخت قابيل.

ولكن قابيل كان شريرًا، فقد وسوس له الشيطان أن يترك أمر الله، ويتمرد على شريعته، فرفض أن يتزوج أخت هابيل، وأراد أن يتزوج أخته هو، لأنها كانت جميلة. فأمرهما آدم أن يقربا قربانًا، فقرب قابيل حزمة قمح، وقرب هابيل شاة سمينة، فتقبل الله قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل. فحسد قابيل أخاه.

ولما رأى قابيل ذلك، هدد هابيل بالقتل، لكن هابيل كان صالحًا، فقال له: “يا أخي، إن هذا من عمل الشيطان، وإنك لو حاولت قتلي، فأنت أخي، فلن أقتلك، لأنني أخاف من الله رب العالمين. وأنت الذي ستحمل الوزر، ومن قتل نفسًا بغير حق، فإن الله سيدخله جهنم. فاتقِ الله تعالى، فإن الدنيا لا خير فيها إلا طاعة الله.”

وظل قابيل يتربص لهابيل حتى وجده نائمًا تحت شجرة، فقام بضربه حتى قتله، وسال الدم منه. لقد مات أخوه، وهو في دهشة من الأمر، ماذا سيقول لأبيهما آدم، وأين يدفنه؟!

إن الدفن لم يكن معروفًا قبل ذلك. ومكث قابيل في حيرة من أمره لا يدري ماذا يفعل!

وفي أثناء ذلك، التفت قابيل القاتل، فوجد غرابًا حيًا يصرخ فوق جثة غراب ميت، ووضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر، ثم صرخ صرختين قصيرتين وعاد يهيل عليه التراب. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.

وقف قابيل وانكفى على جثة شقيقه، صرخ من عجزه عن مواراة جثة أخيه، واهتز جسده ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه حتى دفنه. ووصل الخبر إلى آدم عليه السلام. فقال: “فعلها الشيطان، لقد وسوس لابني كي يقتل أخاه.” وحزن حزنًا شديدًا على خسارته في ولديه، فقد مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني في صفه، وصلى عليه، وقد عاقب الله القاتل، فلم يمكث كثيرًا بعد حياة أخيه.

وظل آدم يعمل في الأرض يعمر فيها، ويبني، ويرشد أولاده إلى عمل الخير، والبعد عن الشر، ويحذرهم من الشيطان. وقبل أن يموت آدم عليه السلام جمع أولاده، وأوصاهم ببعض الوصايا التي تنفعهم في حياتهم، وأخبرهم أن الله سيرسل للناس رسلًا، يرشدونهم إلى عبادة الله وحده، وإن اختلفت ألسن الناس، واختلفت أشكالهم، لكن رسالة الله واحدة.

وأغمض آدم عليه السلام عينيه، ودخلت عليه الملائكة، وتقدم ملك الموت وقبض روحه بعد أن أدى الأمانة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى