قصة سيدنا اسماعيل عليه السلام كاملة
قصة سيدنا اسماعيل عليه السلام كاملة
قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام تعتبر من أبرز القصص التي تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر. فقد نشأ إسماعيل في بيئة صعبة، لكن إيمانه وثباته على الحق جعلاه من أعظم الأنبياء الذين خدموا دعوة الله. وقد ورد ذكر سيدنا إسماعيل في القرآن الكريم في عدة مواضع، حيث كان مثالًا للصبر والطاعة والوفاء بالعهد. تبدأ قصته مع ولادته لأبوه إبراهيم عليه السلام، وتستمر لتظهر تضحياته العظيمة في مراحل مختلفة من حياته. في هذه القصة، نتعرف على جوانب من حياة إسماعيل، بدءًا من قصته مع والده، وصولاً إلى محنة الفداء التي كانت اختبارًا عظيمًا لإيمانه وصدقه مع الله.
القصة
تزوج سيدنا إبراهيم من السيدة سارة، وعاشا سويا حتى كبرا في السن ولم يرزقهما الله الأبناء. وكان للسيدة سارة جارية تدعى السيدة هاجر، فعرضت السيدة سارة على سيدنا إبراهيم أن يتزوج من السيدة هاجر لعل الله يرزقه منها بالولد. فتزوج سيدنا إبراهيم من السيدة هاجر، وأنجب منها سيدنا إسماعيل.
مرت الأيام وسيدنا إسماعيل يكبر، وفي يوم من الأيام حملت السيدة سارة ووضعت مولودًا هو سيدنا إسحاق. أمر الله سيدنا إبراهيم أن يذهب هو وزوجته السيدة هاجر وابنه سيدنا إسماعيل إلى مكان بعيد في الصحراء ليسكنا فيه. أنزل سيدنا إبراهيم زوجته وابنه في الصحراء وتركهما هناك، وترك معهما خبزًا وقليلًا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار، فهرعت السيدة هاجر خلفه وقالت: “أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟ الله أمرك بهذا؟” فقال إبراهيم: “نعم.” فقالت هاجر: “إذن لن يضيعنا الله.”
بعد فترة من الزمان نفد الماء والخبز، وعطشت السيدة هاجر وعطش سيدنا إسماعيل وجاع، فخرجت هاجر تبحث عن الماء في الصحراء، وراحت تسعى بين جبلين هما الصفا والمروة سبع مرات، لكن دون جدوى. عادت السيدة هاجر فوجدت الماء يتدفق من تحت قدمي سيدنا إسماعيل، فقد فجر الله بهما ينبوع ماء هو زمزم. شربت السيدة هاجر وشرب سيدنا إسماعيل، وأخذت السيدة هاجر تحمد الله.
مرَّ جماعة من الأعراب بالقرب من المكان، فوقع نظرهم على بئر زمزم والسيدة هاجر وسيدنا إسماعيل. استأذن الأعراب في أن ينصبوا خيامهم بالقرب منها لما علموا حكايتها، وامتدت الخيام وتدفق الناس إلى الوادي، وأصبح الوادي المقفر قرية كبيرة. بعد فترة، جاء سيدنا إبراهيم ليزور السيدة هاجر وولدها، فوجد الوادي قد صار قرية عظيمة، فعلم أن الله قد استجاب دعاءه، فحمد الله كثيرًا.
كبر سيدنا إسماعيل وتعلق به قلب سيدنا إبراهيم، وفي ليلة، رأى سيدنا إبراهيم حلمًا أن الله أمره بأن يذبح ابنه. فقام إبراهيم وذهب إلى سيدنا إسماعيل وأخذه إلى مكان بعيد وقال له: “يا بني، إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى؟” فقال: “يا أبت، افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين.”
قام سيدنا إبراهيم بتقييد سيدنا إسماعيل وأخذ السكين ليذبحه، فسمع الله يقول له: “يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، أنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين.” فنظر سيدنا إبراهيم فوجد كبشًا عظيمًا بعثه الله فدية لسيدنا إسماعيل. ذبح سيدنا إبراهيم الكبش، وشكر الله.
أوحى الله لسيدنا إبراهيم أن يبني بيتًا له وأن يطهر هذا البيت للطائفين والعاكفين والركع السجود. فانطلق سيدنا إبراهيم إلى مكان البيت مع سيدنا إسماعيل، وأخذ البناء يرتفع يومًا بعد يوم.
انتهى البناء وارتفع في قلب مكة. دعا سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل الله، فقالا: “ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.” فكانت الكعبة المشرفة التي يحج إليها الناس إلى يومنا هذا.
الدروس المستفادة:
- الإيمان والتسليم لأوامر الله: من خلال تلبية سيدنا إبراهيم لأمر الله، ومن ثم صبر سيدنا إسماعيل على الذبح، نتعلم كيفية الإيمان والتسليم الكامل لما يقدره الله لنا.
- التوكل على الله: كانت السيدة هاجر على يقين أن الله لن يضيعها، رغم الظروف الصعبة التي واجهتها في الصحراء، مما يعزز لدينا ثقافة التوكل على الله في الأوقات العصيبة.
- أهمية الصبر في المواقف الصعبة: من خلال صبر سيدنا إبراهيم على التضحية بابنه، وصبر سيدنا إسماعيل على أمر الله، نتعلم أهمية الصبر في مواجهة التحديات.
- الرحمة والبركة في العطاء: القصة تبرز رحمة الله، حيث جعل الله الماء ينبع من تحت قدم سيدنا إسماعيل عندما لم يكن هناك أمل، ويعلمنا أن الله يقدم الحلول في أوقات الحاجة.
- المسؤولية والقيادة: كان سيدنا إبراهيم مسؤولًا عن تربية ابنه وتوجيهه بالصواب، وفي ذلك دعوة للأبناء لتقدير حكم آبائهم، وأهمية التربية في بناء المجتمعات.
- حسن الخلق والنية الصافية: يوضح لنا موقف سيدنا إسماعيل عندما قال لوالده “إفعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين” أن النية الطيبة والعمل الصادق يحققان رضا الله.