قصص اسلامية

قصة سيدنا محمد عليه السلام كاملة

قصة سيدنا محمد عليه السلام كاملة

إنّ حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي من أعظم القصص التي تستحق أن تُروى للأجيال القادمة، فهي رحلة مليئة بالتحديات، المعجزات، والبطولات التي ألهمت الملايين عبر العصور. وُلد محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة عام 570 ميلادي، وتربى يتيمًا، ثم أصبح نبيًا ورسولا يحمل رسالة عظيمة إلى البشرية جمعاء. طوال حياته، عاش صلى الله عليه وسلم في ظل توجيه إلهي، حيث كان مثالاً للرحمة، الحكمة، والعدل.

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليست مجرد سرد تاريخي، بل هي مصدر الهداية والتوجيه في جميع جوانب الحياة، سواء كانت شخصية أو اجتماعية أو روحية. ومن خلال دراستنا لسيرته، يمكننا أن نتعلم الكثير عن الصبر في مواجهة الصعوبات، وعن العدل في التعامل مع الناس، وعن التفاني في خدمة الإنسانية. هذه القصة لا تقتصر فقط على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بل تشتمل على دروس في كيف يمكن للأمة أن تبني حضارة قائمة على الأخلاق والتقوى.

في هذه القصة الكاملة، سنتعرف على مختلف مراحل حياته، من طفولته في مكة إلى دعوته في المدينة، مرورًا بالهجرة المباركة، وغزواته المشهودة، ومعاملاته الإنسانية مع أصحابه وأعدائه على حد سواء.

القصة

في مكة المكرمة وُلد النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن مات والده في رحلة للتجارة، ولما وُلد أرسلته أمه إلى جده عبد المطلب ليبشره، فسرع إليه وكان عند الكعبة. فلما رآه فرح به، وحمد الله تعالى على ذلك، وسماه محمد، فلما سئل عن ذلك قال: “أحب أن يكون محموداً من الله، ومحموداً من الناس”.

وكان من عادة العرب أنهم يرضعون أولادهم في البادية. فلما جاءت نسوة من بني سعد أخذت حليمة السعدية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهرت بركته من أول يوم، فقد أسرعت حمارتها الضعيفة، ورزق الله حليمة اللبن، وكان لا يوجد فيها لبن كثير، ووسع الله تعالى رزقها هي وزوجها وأولادها. ولذا استأذنت حليمة بعد عامين أن يبقى معها محمد صلى الله عليه وسلم.

وبعد عدة أعوام عاد محمد صلى الله عليه وسلم إلى أمه، فخرجت به لتزور قبر أبيه عبد الله، ولكنها ماتت في المدينة المنورة. فعادت أم أيمن، خادمة أبيه، به بعد أن ماتت أمه بعد أبيه ليعيش محمد يتيماً بلا أب أو أم. وتولى تربيته جده الذي كان يحبه حباً شديداً. وكان لجده مجلس عند الكعبة لا يجلس معه فيه أحد، ولكن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يجلس بجواره، ويحاول أعمامه أن يمنعوه من الجلوس بجوار جده، ولكن جده كان يأمرهم بتركه لشدة حبه له. وكان يقول: “إن لولدي هذا شأناً عظيماً”.

ولم يمر وقت طويل حتى مات جده عبد المطلب، فتولى تربيته أبو طالب، فكان يحبه ويفضله على أولاده. وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج مع عمه في تجارة، فلبى عمه طلبه. وفي هذه الرحلة رآه بحيري الراهب، فأخبر عمه أن يحافظ عليه من اليهود لأنه سيكون له شأن كبير، ولو علم اليهود به لقتلوه. فأمر أبو طالب بعض رجاله أن يعودوا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

ولما سمعت خديجة بنت خويلد، وكانت من شريفات مكة ولها تجارة، طلبت من محمد صلى الله عليه وسلم أن يتاجر لها. فخرج في تجارتها فربح كثيراً، وأعجبت به، وطلبت الزواج منه. فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم. وكان معروفاً في قومه برجاحة عقله وصدقه. فلما كانت قريش تعيد بناء الكعبة ولم يُبالوا في وضع الحجر الأسود، فتنازعوا فيما بينهم، كل قبيلة تريد أن يكون لها شرف وضع الحجر الأسود مكانه. فلما طلع عليهم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: “هذا الصادق الأمين، رضينا به حكماً”. فخلع شيئاً من ثيابه ووضع فيه الحجر، وأمر كل قبيلة أن تشارك برجل فيحملوا الحجر الأسود، وعند مكانه وضعه بيده. وبذلك تكون كل القبائل قد شاركت في وضع الحجر.

وبعد أن أصبح محمد نبياً، بدأ الدعوة إلى الله تعالى. فكان يدعو أصحابه فآمن به بعضهم، وكان يخرج في الأسواق وفي موسم الحج يدعو الناس إلى توحيد الله تعالى. وفي يوم من الأيام طلب الرسول أقاربه، ووقف على جبل الصفا، وأخبرهم أنه نبي من عند الله تعالى، فمن أطاع الله دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، فصد عنه كثير من قومه.

وفي أحد مواسم الحج، وبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الحجاج إلى عبادة الله تعالى، قابل جماعة من يثرب وآمن به نفر قليل، وكلموا قومهم، وأتوا بعدد لا بأس به في العام القادم. وتعاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجروا إليه، لتكون يثرب أرضاً ينطلق منها الإسلام بعد أن عذب مشركو قريش من آمن مع الرسول صلى الله عليه وسلم وآذوهم.

وقد طلب الرسول من الصحابة أن يهاجروا إلى يثرب، فتسلل كثيرون من الصحابة، وكان المشركون يريدون منهم بل منعوا بعضهم. وتأخر الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة، حيث طلب من أبي بكر أن يتأخر، وأعد الرسول العدة وسلك طريقاً غير معروف، واختبأ في غار ثور ثلاثة أيام حتى تمكن من الوصول إلى المدينة، بعد أن أعلنت قريش جائزة عظيمة لمن يقبض على النبي حياً أو ميتاً.

واستقبل أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبشر والترحاب، وكل منهم يريد أن يأخذ بخطام ناقته حتى ينزل عنده. ولكن الرسول أخبرهم أن يتركوها فإنها مأمورة. وفي المكان الذي بركت فيه ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى الرسول هذه الأرض وبنى فيها مسجده، وأخذ يدعو الناس إلى عبادة الله تعالى، ولكن المشركين أحسوا بالخطر. فقد أصبح محمد له دولة ناشئة، وهم يمرون بتجارتهم في طريق المدينة. وقد كان أبو سفيان خرج بقافلة تجارية، فأمر الرسول الصحابة أن يخرجوا لها، لأن المشركين أخذوا أموال المسلمين وديارهم في مكة بعد الهجرة، فأراد الرسول أن يسترد بعض الحق. وسَمِعَت قريش بذلك، فخرجت بجيش كبير وخرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم عدد صغير لم يضعوا في حسبانهم أن تكون هنالك معركة. وعند بئر بدر قامت أول معركة كبرى، انتصر فيها المسلمون على المشركين.

ثم دارت بعدها عدد من الغزوات وكان النصر حليفا للمسلمين فيها إلا غزوة أحد. وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه مبادئ الإسلام، ويعلمهم ما كان ينزل عليه من القرآن الكريم، فعلم الناس الأخلاق الحسنة والمعاملات الطيبة، وأن يعيش الإنسان كريماً بين أهله، يعبد الله تعالى الذي خلقه. وعقد معاهدات مع اليهود والمشركين. ولما نقض المشركون العهد، أتى الرسول بجيش وفتح فيه مكة، وكسر الأصنام التي كانت حول الكعبة، وطهر بيت الله الحرام، وعفا عمن ظلمه وحاربه. فدخل الناس في دين الله أفواجاً.

وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه برسائل منه لملوك ورؤساء الدول وقتها، لأن الإسلام دين عالمي. فرد بعضهم ردّا حسناً، واغتاظ بعضهم وحاربوا الرسول خوفاً على مصالحهم. ولكن الله نصره. وظل النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس دين الله تعالى، ويقريهم إليه، حتى توفاه الله في العام الحادي عشر من الهجرة. فبكى عليه الصحابة بكاءً لا مثيل له، ولكنه ترك لنا كتاب الله وسنته، ليكونا مصباحاً ينير لنا الطريق إلى يوم القيامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى