قصص اسلامية

قصة سيدنا نوح عليه السلام كاملة

قصة سيدنا نوح عليه السلام كاملة

قصة سيدنا نوح عليه السلام من أعظم القصص التي وردت في القرآن الكريم، وتعتبر درسًا مهمًا في الصبر والتوكل على الله في مواجهة الشدائد. وُجد في زمانه فساد عظيم في الأرض، حيث عبد الناس الأصنام وأغرقهم الشرك بالله. فبعث الله سبحانه وتعالى سيدنا نوحًا ليكون نذيرًا لهم، داعيًا إياهم لعبادة الله وحده. استمر نوح عليه السلام في دعوته طوال سنوات طويلة، ورغم عنادهم وتكذيبهم، إلا أنه صبر ولم ييأس. كما أمره الله ببناء السفينة التي حملت المؤمنين ونجتهم من الطوفان الذي أغرق الأرض. تعتبر قصة نوح عليه السلام نموذجًا رائعًا للصبر والإيمان في سبيل الله، وتحثنا على الاستمرار في الدعوة لله مهما كانت التحديات.

القصة

كان سيدنا نوح عليه السلام أول نبي أرسله سبحانه بعد إدريس عليه السلام. كان نجارًا في وقت كان الإنسان فيه يعيش طويلاً، فبعث الله سبحانه نبيًّا وعمره ثمانمائة وخمسون سنة. ولما رأى قومه يضلون عن عبادة الله، ويروّحون يعبدون الأصنام والأوثان، دعاهم إلى عبادة الله الواحد والتقوى والصلاح. فكانت ردة فعلهم على دعوته أنهم ظلوا يضربونه كل مرة حتى يفقد وعيه، وكلما أفاق من غيبوبته توجه إلى الله سبحانه وقال: “اللهم اهد قومي فإنهم لا يعملون”. فيعيدون ضربه حتى تسيل الدماء من أذنه، ويغمى عليه من جديد، فيلقونه في بيته أو على باب داره فاقدًا وعيه.

غضب الله سبحانه على قوم نوح لما رأوا ما يفعلونه من أذى وتنكيل بنبيه، وهم يعبدون أصنامًا سمّوها آلهة وأطلقوا عليها أسماء مختلفة. فأعقم الله نسائهم، وجعلهم غير قادرين على إنجاب الأطفال لمدة أربعين سنة. وكذلك ابتلاهم الله بالجفاف وقلّة المطر، فيبس زرعهم، وقل المال والرزق، فافتقروا وكادوا يهلكون.

فقال لهم سيدنا نوح عليه السلام: “استغفِروا ربكم إنه غفَّار”. وأخبرهم أن الله سبحانه سيغفر لهم، تابعوا إليه وينزل عليهم المطر ويعطيهم الخير والرزق الكثير، وأن هذه الأصنام التي يعبدونها لا تملك من أمرها شيئًا.

لكن قومه رغم كل ذلك لم يستجيبوا لدعوته، ورأوا أن كل من آمن معه واتبع، كان من فقراء القوم فتكبروا عليه ووصفوه بالجنون. بل دعوه إلى أن يطرد الذين آمنوا، ويكف عن مصاحبتهم، لكن سيدنا نوح عليه السلام ظل يدعو ويدعو على أمل أن يهتدي قومه، ويؤكد لهم أنه لا يدعي كونه ملكًا، ولا يملك خزائن الله، ولا يمكنه أن يتخلى عن أولئك المؤمنين الذين يحتقرونهم ويزدرونهم، ففي ذلك ظلم، وهو لن يكون من الظالمين.

بعد ذلك قام قوم سيدنا نوح عليه السلام بتهديده إن استمر في دعوته إلى عبادة الله الواحد وقالوا له: “لئن لم تكف يا نوح فلنرجمك بالحجارة”. ولكن سيدنا نوح عليه السلام تحداهم وقال لهم: “إن أردتم إيذائي فافعلوا ما تشاؤون”. وظل نوح عليه السلام يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، وبعد كل هذا العمر المديد من حياة نبي الله بينهم، ظلوا على جهلهم وقالوا: “لن نترك عبادة أصنامنا ولن نتبع نوح”. وقالوا لسيدنا نوح عليه السلام: “إن كنت صادقًا فأتنا بالعذاب الذي حدثتنا عنه”. فأجابهم عليه السلام: “إنما يأتيكم به الله سبحانه”.

وهنا لجأ سيدنا نوح عليه السلام إلى ربه يشكو إليه ما يعانيه في محاولة إرشاد قومه وهدايتهم. إنه لم يترك وسيلة في دعوتهم إلا استعملها: ليلًا ونهارًا، سرًّا وعلانيةً، ترغيبًا وتخويفًا، ولم يتركوا وسيلة في صده إلا استعملوها: إنذارًا وتهديدًا، وفرارًا وعنادًا وإصرارًا حتى أنهم أغلقوا آذانهم كي لا يسمعوه، وأخيرًا نادوا أنهم سيرجمونه بالحجارة.

فأوحى الله سبحانه إلى نوح عليه السلام ألا يحزن من أفعاله، وأنه لن يؤمن منهم غير الذين آمنوا من قبل. وعندما علم نوح عليه السلام ذلك، دعا على الكافرين جميعًا، وطلب من الله سبحانه أن ينجيه وألا يترك الكافرين على الأرض أحدًا، لأن من بقي منهم سيضل الآخرين ولن يكون أولاده إلا فجارًا وكافرين. واستجاب الله لدعاء سيدنا نوح عليه السلام.

فأمره بزراعة النخل، وكان قومه يسخرون منه. لكن سيدنا نوح عليه السلام كان ينتظر أمر الله. وبعد خمسين سنة، أمره الله سبحانه أن يصنع سفينة كبيرة، وأمر جبرائيل عليه السلام أن يعلمه صنعها. فكان طولها في الأرض ألفًا ومائتي ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء ثمانين ذراعًا.

واحتاج نوح عليه السلام إلى من يساعده على صنعها، فأوحى إليه الله سبحانه: “ناد في قومك من أعانني عليها”. وبدأ الناس في مساعدته، إلا أنهم استمروا في السخرية منه وهم يعجبون من أمره إذ يبني سفينة في البر.

كان نوح عليه السلام قد تزوج من امرأتين: إحداهما مؤمنة اسمها عمورة بنت ضمران، والأخرى كافرة لم تؤمن رغم كل ما بينه لها من الآيات وكل ما حمله من نور. أما عمورة فقد أمر الله تعالى بالزواج منها، وبشره بأنها ستكون أول من يؤمن به. ورغم أن قومها عذبوها وسجنوها كي لا تتبعه، إلا أنها أصرت على إيمانها، وتزوجت بعد ذلك وأنجبت ولده سامًا عليه السلام.

كانت امرأة نوح تخبز في التنور حين نبع منه الماء، وتفجرت عيون الأرض وبدأت السماء ترسل المطر الغزير. وارتفع الماء، واهتزت الأرض، وانكسفت الشمس. أخيرًا جاء أمر السفينة، وأمر الله سبحانه نوحًا بأن ينادي الناس وسائر الحيوانات.

ولما حضرت جميع أنواع الحيوانات، أدخل نوح عليه السلام فيها كل نوع زوجين. أما البشر فقد لبى منهم دعوة نوح ثمانون شخصًا. وكان سيدنا نوح عليه السلام قد اتخذ لكل نوع من الحيوانات موضعًا خاصًا في السفينة، وأعد له ما يحتاجه من مؤونة وطعام وشراب. فقال عليه السلام لمخلوقات سفينته: “اركبوا فيها على اسم الله تجري و ترسو، إن ربي لغفور رحيم”.

ثم تحركت السفينة بركابها، وكان لنوح ابن اسمه كنعان. نظر إليه نوح وهو خائف عليه لأن البلاء يحيط به من كل جانب. فأشفق عليه وقال له: “يا بني اركب معنا ولا تكن من الكافرين”. فقال: “سآوي إلى جبل يحميني من الماء”. فقال له: “لن ينجو اليوم من أمر الله إلا من رحمه الله”. فغرق.

حينها دعا نوح عليه السلام ربه يرجو منه أن ينجي ولده من الغرق قائلاً: “ربي أنت وعدتني أن تنجيني مع أهلي، وإن ابني من أهلي، وإن وعدك حق وأنت أحكم الحاكمين”. فقال سبحانه له: “يا نوح إنه ليس من أهلك إنه كافر فلا تسألني ما ليس لك به علم”. فاعتذر سيدنا نوح لربه قائلاً: “ربي لا تجعلني أسالك ما ليس لي به علم، فاغفر لي وارحمني”.

ظل الماء يرتفع حتى وصل إلى عشرات الأمتار، بل مئاتها، وسارت السفينة في موج كالجبال حتى وصلت إلى مكة المكرمة. وطافت بالبيت. وقد غرق كل من على الأرض حتى الجبال العالية جدًا. لم يسلم من الغرق سوى البيت الكريم الذي سمي بالبيت العتيق. واستمر فيض الماء أربعين صباحًا حتى غرق كل البشر والحيوانات.

دعا سيدنا نوح عليه السلام الله وقال: “يارب رحماك، ارحمنا وألطف بنا”. فأنقطع المطر، وأمر الله سبحانه السماء بأن تكف عن إنزاله، وهدأت الرياح والعواصف، وصحا الجو، لكن الأرض كلها صارت بحرًا واحدًا لا ينتهي. فحركت الأرض الماء الذي نبع منها، وبعد أن بلعت الأرض ماءها وظهرت اليابسة، قال الله تعالى لسيدنا نوح عليه السلام: “اهبط من السفينة بسلام وبركة أنت ومن معك”.

وكانت السفينة قد توقفت على جبل في الموصل اسمه الجودي، ونزل من عليها من بشر وما عليها من حيوانات. فما كان على الأرض سواهم. وانتشر نوح عليه السلام وأبناؤه وأصحابه المؤمنون في أرجاء الأرض، وعمروا الأرض، وأنشأوا فيها المزارع والبساتين مستعينين بما أتاهم الله من قوة وما سخر لهم من الحيوانات والدواب… إلى ما شاء الله.

الدروس المستفادة من قصة سيدنا نوح عليه السلام:

  1. الصبر على البلاء: سيدنا نوح عليه السلام صبر على أذى قومه واستمر في دعوته رغم العقبات.
  2. الإيمان بالله وحده: دعا قومه لعبادة الله الواحد والتخلي عن عبادة الأصنام.
  3. أهمية الثبات في الدعوة: على الرغم من المعاناة والسخرية من قومه، استمر سيدنا نوح في دعوته بلا ملل.
  4. الرحمة والتوبة: رغم الجفاء من قومه، دعاهم للتوبة والاستغفار.
  5. حكمة الله في التدبير: الله سبحانه كان حكيمًا في تدبير الأمور وجزاء المكذبين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى