قصص مضحكة ومحرجة جدا من نوادر العرب
القصص الطريفة والمضحكة من نوادر العرب تحمل دائمًا لمسات من الحكمة والذكاء، وتمثل جزءًا مهمًا من التراث العربي. في هذا المقال، نقدم لكم مجموعة من القصص المضحكة والمحرجة التي عاشت في ذاكرة العرب، والتي تحمل بين طياتها مواقف طريفة وأحداثًا نادرة، لنعيد معًا اكتشاف هذا الجانب الممتع من ثقافتنا العربية.
القصة
تقول الحكاية إن رجلاً فقيرًا يسكن في أحد الأحياء العادية متزوجًا ولديه أبناء، ويسكن بجوار منزله جار أعمى ومشاكس. وفي يوم من الأيام حل عليه نسيبه، أخو زوجته، ضيفًا قادمًا من بلد مجاور لزيارة أخته والإطلاع على أحوالها. فاستضافه الرجل زوج أخته ورحب به، وبعد يوم من الزيارة قال الرجل لزوجته: “غدًا إن شاء الله أذهب إلى سوق الغنم لأشتري خروفًا نذبحه ضيافة وكرامة لأخيك ونعزم عليه أهل الحي”. فقالت له زوجته: “يا رجل، أخي ليس غريبًا ولا يحتاج إلى ذبيحة ولا إلى خروف. أخي مقدر ظروفنا ويعرف أننا ناس فقراء”. فقال لها زوجها: “لا، لا، هذا الكلام ليس صحيحًا. نحن فقراء ولكن إكرام الضيف واجب، وخصوصًا أن كل الناس علمت بوصوله بعد أن صلى معنا في المسجد”. فقالت له زوجته: “إسمع، أنا عندي دجاجة سمينة وكبيرة. لماذا لا نذبحها ونولم وندعو جارك اليمين وجارك اليسار وتكون بمثابة كرامة لأخي وضيافة له!”. فقال لها زوجها: “وهل تظنين أن دجاجة واحدة تكفي؟”. فقالت الزوجة: “تكفي وتزيد، وأنا سأضع معها حشوة عبارة عن زبيب ومكسرات وبيض وبصل وعدس، وستكفي وتزيد إن شاء الله”. فقال لها زوجها: “شورك وهداية الله”.
وفي اليوم التالي ذبحوا الدجاجة، وأرسل الرجل ابنه يدعو جيرانه على طعام الغداء. فذهب الولد وعزم جاره اليسار وكان رجلًا كبيرًا في السن ولكنه مبصر. فسلم عليه وقال له: “يسلم عليك أبي ويقول لك تفضل على الغداء”. فقال له الجار: “من عندكم؟ وما المناسبة؟”. فقال الولد: “خالي جاء من السعودية وأبي عمل له غداء”. فقال الرجل: “إن شاء الله، وبعد صلاة الظهر سوف أكون عندكم. وسلم على أبيك وقل له: يقول لك أبو فلان الله يغنيك ويوسع عليك”. فتركه الولد وذهب إلى الجار الثاني، جار اليمين، وكان رجلًا أعمى ضريرًا وكبيرًا في السن أيضًا ومشاكسًا. فسلم عليه الولد وقال له: “أبي يسلم عليك ويقول لك تفضل عندنا اليوم على الغداء”. فسأله الضرير: “من عندكم؟”. فقال له الولد: “عندنا خالي حضر من السعودية وأبي عمل له كرامة غداء وأنت معزوم عقب صلاة الظهر”. فقال الضرير: “من أين ظهرت الشمس اليوم؟ أنا صار لي جاركم من ثلاثين سنة ولا مرة أبوك جا عني ولا عزمني لا على غداء ولا على عشاء”. المهم، سلم عليه وقال له: “يقول لك أبو فلان عساها عادة ما تنقطع”.
وفي الساعة الموعودة، وبعد صلاة الظهر، حضر الجميع ودخلوا إلى المجلس وشربوا الشاي ثم القهوة. ثم أتى المدخن وعليه خشب العود ذو الرائحة الطيبة فتطيب الجميع. ثم فرشوا السفرة ووضعوا عليها التمر واللبن، ثم دخلوا بصحن الغداء وهو عبارة عن صينية مستديرة فيها أرز ومزينة بالحشوة وهي عبارة عن البيض المسلوق ثم مكسرات مقليّة والبصل والزبيب، وفي الوسط وضعوا الدجاجة. فقال صاحب المنزل لضيوفه: “تفضلوا (سموا)”. فدنى الجميع من صحن الغداء وقام الرجل الضرير يتحسس ماذا يوجد أمامه حتى وصلت يده إلى الدجاجة، فأخذها من وسط صحن الغداء ووضعها أمامه وغطاها بيده الأخرى وأخذ ينتف منها اللحم ويأكله مع العيش (الأرز)، بينما الباقون يأكلون عيشًا بدون لحم والجميع ينظر بعضهم لبعض. ثم قال صاحب البيت للرجل الضرير: “يا أبا فلان”. فقال الرجل: “سم” (أي نعم). فقال الرجل: “سم الله عدوك” (وهي رد لكلمة “سم”). فقال الرجل الضرير: “أمر”. فقال صاحب البيت: “أودامنا جدامك” (أي إيدامنا).
فقال الضرير: “إن شاء الله. تقصد الدجاجة التي أخذتها؟”. فقال صاحب البيت: “أي نعم، الدجاجة التي أخذتها أهيه إيدامنا”. فقال الرجل الضرير: “الله وأكبر. يعني أنت الآن تبغي تفهمني بأنك مسوي كرامة حق نسيبك أخو زوجتك، وعازمني وعازم فلان (يعني الجار الثاني)، وأنت وعيالك وضيفك على دجاجة واحدة؟”. فقال له صاحب البيت: “هذا الموجود، والمثل يقول: الجود من الموجود. والموجود هذه الدياية (الدجاجة) الي أمامنا على هذا الصحن”. فضحك الرجل الضرير وقال: “عندما رأيتموني أعمى، قلتم دعونا نضحك عليه. إذا كنت أنا الرجل الضعيف الضرير أمامي دجاجة، أكيد أنتم أمام كل واحد منكم دجاجتين!”. فقال صاحب البيت: “والله العظيم ما عندنا على غدائنا إلا دجاجة واحدة”. فقال الرجل الضرير: “سامحوني، هذا نصيبي وأنا أخذته. أكل منه ما يكفيني والباقي من نصيب زوجتي. ويالله مع السلامة”. فقام الرجل الضرير من على المائدة وأخذ معه الدجاجة وترك الباقين في حيرتهم.